رهبة اقلاع الطائرة

ليس هناك أمتع من سماع ذكريات كبار السن عن رحلاتهم على سفائن الصحراء الإبل إلا الاستماع لذكريات بدايات الرحلات الجوية تلك الوسيلة التي لم يستوعبها البعض ذلك الحين، أذكر قصة قديمة نشرتها صحيفة يومية عن مسنْ سافر لأول مرة بالطائرة ولوحدة من منطقة إلى أخرى ولما توقفت الطائرة بعد أقل من ساعة من إقلاعها ونزل الركاب رفض النزول معهم لعدم استيعابه أنه وصل مقصده ولم تفلح معه محاولات الملاحين حتى سألوا إن كان أحداً في المطار ينتظره فوجدوا ابنه في صالة الانتظار وطلبوا منه الصعود للطائرة لكي يصدق والده أنه وصل إلى وجهته ، وحينما تأكد أفادهم أنه كان يقطع تلك المسافة على الإبل بعدة أيام ، وعلى السيارة بعدة ساعات ، فكيف يستوعب وسيلة قطعتها بعدة دقائق ؟ ورغم الضجة التي أحدثتها الطائرة آنذاك إلا أن بداياتها كانت متواضعة وتدعو إلى التندر لبدائيتها مقارنة إلى ما توصلت إليه صناعة الطيران اليوم ، وهكذا الحياة يتحول إدهاشها مع مرور الوقت إلى أثر يمتع ذكرياته .

يتحدث الي الشيخ احمد عبده مدخلي عن ذكرياته عند ركوبه الأول للطائرة من جازان إلى جدة حوالي عام ۱۳۷۷ هـ وكانت الطائرة من نوع داكوتا ذات ۲۷ مقعد وكان سعر التذكرة ۸۰ ريالاً واستغرقت الرحلة ساعات ويتذكر أن المدرج ترابي ، وفي موسم الأمطار يغمر المدرج  الماء وقد تتوقف الرحلات عدة أيام حتى يجف المدرج ويسمح للطائرة بالإقلاع  .
ومن طرائف رحلاته أنها تعطلت ذات مرة ولم يجد الكابتن إلا أن ينزل الركاب ويطلب منهم المساعدة في دفع الطائرة بأيديهم حتى اشتغل محركها ثم عادوا إلى مقاعدهم وطارت بهم . بعد طائرة الداكوتا ظهرت طائرة الكومفير ذات الـ 44 راكبا بسعر ۱۲۰ ريال . الجدير في أمر الطائرة أنها لم تستطع رغم ماتملكة من تقنية أن تتجاوز الإبل في طريقة تثبيت إيقافها ، فهي تشبه إلى حد كبير طريقة عقل الإبل بالحبال ولا زالت الطائرة تستعير الطريقة نفسها حيث يتم وضع قطعتين يربط بينهما حبل وتوضع كل قطعة أمام الإطار الأمامي والأخرى خلفه ، حتى لا تتحرك بعدما تتوقف الطائرة على أرض المطار وينزل الركاب وتلك مفارقة طريفة تحسب لسفينة الصحراء .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s