شارع علاّمة الجزيرة العربية

الأديب حمد الجاسر

 لو سألت أي مثقف عربي عن الأديب حمد الجاسر يرحمه الله لأجابك : بأنه علاّمة الجزيرة العربية . 

ولكن ولو سألت أحداً من سكان شمال الرياض : 
– أين يقع الشارع الذي يحمل اسمه ؟ 
 لما دلك عليه احد !

ولهذه المفارقة حكاية . 
فقد كنت أسير بسيارتي في شارع ليلى الأخيلية سابقاً في حي الورود بالرياض ودخلت شارعاً فرعياً  تفاجأت أنه يحمل على كاهله اسم علاّمة الجزيرة العربية حمد الجاسر وشعرت حينها أن الشارع يكاد أن يئن من وطأة الحمل الكبير لو قدر له أن يشعر ويعبّر .

 وصرخ بأعماقي صوت مدوّى يحتج على إطلاق اسم كبير على شارع صغير .

 صمتْ لحظة ،، استعداداً للرد على هذا الصوت الذي يباغتني بأسئلته المحرجة كأنه طفل في مرحلة تكون الوعي واجيبه :

– هذا الشارع سمّي بعدما سكن العلاّمة دارة المسماة \”دارة العرب\” التي تقع في هذا الشارع فتمت التسمية ، أي أن السكن سابق إطلاق الاسم  كما أعرف . 

يواصل حواره : حتى لو . . وهل مثلاً ليلى من الأهمية بمكان أن يكون لها شارع رئيسي يتفرع منه شارع صغير يضيق باسم العلامة . 
أرد : ولكنهم غيروه .

 يعاود : حتى لو . 
ثم ليس القصد العلاّمة  الجاسر فقط . . إنما ضرب مثل على الكثير من الشخصيات اللامعة التي خدمت الوطن وخاصة في مرحلة التوحيد . وكذلك الذين خدموا في شتى المجالات  إنني كثيراً ما أقرأ أسمائهم على شوارع وممرات ضيقة داخل الأحياء السكنية . 
يقنعني بموضوعية تساؤله وأرد : 
وأنا مثلك أتساءل وأندهش حينما أرى مثلها إلى درجة أني أكاد أشك في أن من يوزع الأسماء على الشوارع لا يجيد قراءة تاريخنا الوطني المجيد حينما تأتيه الأسماء من العارفين بإنجازها فيتم التوزيع بشكل غير منسق فترى اسماً كبيراً يضيق به ممر نحيف وترى العكس أحياناً .  

إذا المشكلة تكمن في سوء توزيع الأسماء على الشوارع ؟ 
بالتأكيد وهذا مربط الفرس . 
 إذا كان كذلك فلماذا لا يتم تصنيف الأسماء من قبل الجهة المختصة فيتم إعطاء كل اسم تصنيف معين أبجدي مثلاً على قدر منجزه وحجم الخدمات التي قدمها لوطنه ومجتمعه وفي المقابل يتم تصنيف الشوارع بنفس تصنيف الأسماء ، وذلك حتى توضع كل شخصية في شارعها المناسب ؟ فلا تجد شوارع تضيق بأصحابها ولا تجد أخرى تترهل بأسمائها . 
إنني أتخيل لو أن تلك الفئة المظلومة شوارعياً ليس إلا ، والتي عادة ما تكون تحت الثرى . أتخيل لو أنهم علموا بمصير أسمائهم لربما تعوذوا من ضيق الشوارع مثلما نتعوذ من ضيق القبور . 
– اللهم ارحمهم ووسع قبورهم . . آمين .
 وشوارعهم !

*النص من كتابي \”سر ياقلم\” حكايات وليست قصائد الصادر عام٢٠٠٧م
للمزيد عنه استكمل :https://ar.qu

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s