حبيبتي كثيرة الكركرة

اهداء الى كل مدخن أسير
 منذ سنين . .
وأنا أحاول . . وأحاول . . وأحاول إلى أن نجحت في إحدى محاولاتي وتخلصت ممن تعاطيت الحب معها مره عابثاً فأسرتني بحبها حتى أدمنته وجري في عروقي مجرى الدم .
–  بين العقل والقلب خصام دائم ينتهي من حيث يبتدئ ليظل أخيراً كمن يدور في حلقة مفرغة تشكل مداراً لحب أحدهما يرفضه . والآخر يخفق له . والميدان نفس لا تطيق الخصام فكيف بها وقد أصبحت ميداناً له .
أما أنا فقد وقفت أمام ما أرى طوال السنين الماضية موقف العاجز عن حسم الخلاف بين عقله وقلبه .
 وهكذا يبقى الخصام الذي يصل أحياناً حد التصادم قائماً لا يكل ولا يمل . . ولا يأس معه ولا أمل . وكنت أردد دائماً : أعظم الجهاد جهاد النفس وأعظم الانتصار . . الانتصار عليها . فتحتج النفس وترفع صوتها : ما ذنبي وما خطيئتي إلا يكفيني مصيبة أن كنت ميداناً لمجانينك المتعنترين لا يتنازل احدهما عن الآخر أو ينتصر فأرتاح وإلى متى ؟ أظل على هذا القلق الذي لا يطاق . .
أبعد كل ذلك أجدك تعظم جهادي والانتصار علي ؟
أرد : لا يا نفسي أنا لا أقصدك بذاتك أنا اقصد أولئك الذين أقلقوك . . وأرهقوك ونقلوا همك إلي ولكن في النهاية هم جزء منك ومما تحتوين من طلاسم لا أفهمها . .
– تحتج مره أخرى وبصوت أعلى :
لا . . لا ليسوا جزء مني ولست مسئولة عن تصرفاتهم الحمقاء وأفعالهم الهوجاء ، أنا بريئة مما يفعلون براءة الذئب من دم يوسف
 – أجيبها : حتى البراءة لا تنجيك من مسؤولية ما يفعلون لا بد من التدخل ولا بد من تقريب وجهات النظر ولا بد أيضا من تلطيف الأجواء وتهدئة الوضع وتهيئة المناخ المناسب لكي يتعايشوا على أرضك بدون خلافات حادة تخلف مواجهات طاحنة .
– تقاطعني : كان بالإمكان أن توجه لهم نصائحك الذهبية . وترى مدى تقبلهم لها بدلاً مني . . خاصة لقلبك الذي قد يؤدي بنا إلى كارثة لو استمر في مغامراته الغرامية مع من لا تستحق الغرام .
وهنا يخفق القلب خفقة تستجيب لها الأطراف فترتعش ارتعاشة مكهربة كادت تسقطني ويتحدث أولا : لا تصفوا حبيبتي (السيجارة ) التي همت عشقاً بها بأنها لاتستحق الغرام ،لأن هذه الصفة بحد ذاتها إهانة لي بصفتي حبيبها المتيم .
ثانياً : إذا كانت خطيئتي الحب فهذه النفس الأمارة بالسوء هي من دعتني لذلك وباركت خطوات حبي الأولى ثم هاهي الآن تتحول إلى نفس لوامة كأنها تريد أن تكفر عن خطاياها بعد ما صحى ضميرها متأخرا.
– تدخل النفس مرة أخرى :
هذه ليست مسؤوليتي هذه مسئولية عقلك الموقر لماذا لم ينهاك في بداية الأمر ؟
ولماذا يسكت كل هذا الوقت ؟ ثم يثور الآن غاضباً في الوقت بدل الضائع . . ويعارض حبك . أنا لا يهمني أن تحب . أولا تحب يهمني فقط أن تريحوني من خصامكم الدائم الذي جعلتموني ميداناً له ، ثم ما فائدة معارضه عقلك الآن بعدما شغفتك مجنونتك بحبها . إنني أحمله المسؤولية الكاملة تجاه تدهور وضعنا الراهن.
– يدخل العقل ساحة الحوار موجهاً حديثه للنفس :
 نعم أتحمل بعض المسؤولية فيما حدث ولكنني لم أكن أعلم أن الأمور ستئول إلى ما آلت إليه كنت أعتقد أنه حب عابر و لم أكن أتوقع أن هذا القلب المراهق سيرهقنا معه إلى هذا الحد وسيؤدي بنا إلى هذه المشاكل المعقدة التي أجاهد بكل ما أوتيت من تفكير لحلها . . وما يغضبني أحياناً ويجعلني أصادمة وجه لوجه . . وهذا ما يزعجك أيتها النفس المطمئنه هو انه كلما عذلته ولمته وعرضت عليه حل منطقي أجده يتمادى في حبه بل ويتعاطاه معها أمامي .
تخيلي أيتها النفس إلى أين وصلت مرونتي معه إلى درجة أن اقترحت عليه ذات محاولة أن يرتبط بعلاقة حب مع أخرى  \” الأرجيلة \” لكي يتسنى له نسيان حبه الأول الحارق (السيجارة ) الذي تجاوز حدة وعندما يسلى عنه بهذا الحب الجديد بإمكانه أن يكف عنه لأنه لا يزال حب جديد أو على الأقل يأخذ منه قدر ما يكفيه حتى يعيد توازنه في تعاطي الحب . . تخيلي أنه في أول لقاء مع الحبيبة البديلة الارجيلة أجده يتراجع عن تنفيذ خطتي متعذراً بقوله عنها أنها كثيرة الكركرة وهو لا يحب هذه الصفة في الأنثى على حد تعبيره !
 ولم يكتفي بذلك بل عاد إلى مجنونته الأولى السيجارة دون مراعاة لجهودي التي نسفها وضرب بها عرض الحائط .
– تظهر السيجارة على مسرح الحدث وتخاطب القلب : أعرف أنك حاولت الاستغناء عن حبي مع أخرى وأعرف أيضا أنه بضغط من عقلك  ولكن هذا هو الحب أكثر ما يعيقه عذل العذال وحسد الحساد ومادام أن الأمر قد وصل إلى حد الهجر الذي لم أكن أتوقعه منك أرجو أن تكون صادقاً معي :
 ألست أول من ولعني ؟
وأول من أوقد جمرة الشوق في جوفي ؟
 ثم بعد تلك العشرة التي دامت أعوام وأعوام تصدمني بالهجر وكأنني أنا التي تعلقت بك دون رغبة منك ولم تكتفي بذلك بل حاولت أن تقترن بأخرى ولكن من سوء حظك أنك لم توفق معها ولم تطق العيش بجانبها وكم كنت أتمنى أن تقضي معها أكثر مما قضيت لكي تعرف قدري وتعرف كم أنا وفية معك . . ويا خسارة الوفاء مع بعض القلوب .
-يرد القلب وهو مطأطأ الرأس :
عفواً يا حبيبتي . . لا تزيدي طيني بله . . يكفي ما أنا فيه من سوء حال نسيني ما جرى واغفري لي ماطرى . . لو لم أكن متقلبا لما أسموني القلب .
أعترف بخطيئتي . . وأرجو الغفران . دعينا نعيد للشوق جذوته وللحب لذته . . وننسى ما مضى . .
 (عندما يرق القلب تتوحد مكونات الروح . . وتنساق خلفه  في لحظة عاطفة جارفة رغماً عن الجسد وأعضائه )
يقربها القلب إلي وتقترب أكثر وأكثر حتى أمسكها واضعها بين اصابعي واقربها حتى أشم رائحة التبغ
وتهمس! :
ولعني .
أشعلني .
 وهنا أخرج الولاعة وأهم بإشعالها . فيحشرج الصدر ناطقاً بلغته السعاليه : كح . . كح . . كح :
 لا تولع . . لا تولع أرجوك خلصني من سيجارتك التي أرهقتني بنيكوتينها السام وسلبتني أكسجين الحياة أرجوك لا تشعلها وإلا سأضرب عن التنفس ولتذهب أنت ومن تحب إلى الجحيم !
– أتوقف مؤقتاً في البدء . . ويتكرر المشهد الجدلي ومعه يتكرر التوقف حتى جاء ذلك اليوم الذي ضقت ذرعاً بهذا الخصام وحسمت الأمر ثم قذفت بالسيجارة بعيداً عني وعاهدت نفسي بأن لا أعود أبداً وفي تلك الأثناء تظهر في الصورة حبيبة القلب البديلة كثيرة الكركره (الأرجيله ) ونكهتها المعسولة محاولة استغلال الموقف ولكني لم أندفع بالحب معها حد الانجراف بل تعاملت بحذر حتى لا تحقق مثلما حققته ابنة جنسها ناحل العود التي كادت أن تقتلني عشقاً . .
وبعدها عدت إلى الحياة بأنفاس نقية .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s