مقالات صحفية قصيرة
غروب الشمس
كمن افاق من صدمة فقد عزيز رحل ، كتبت عن صحيفة خطفت الضوء من عيني ثم أنطفأت وتركتني في الظلام الدامس ، انها صحيفة شمس التي سطعت في آخر نهار الصحافة الورقية ثم توارت وراء الآفاق ومعها توقفت مجبراً عن الكتابة الصحفية ومتفاجئاً كيف لي ان استوعب هذا الاحتجاب السريع في عمر الصحف ومتسائلاً عن دور الجهات الاعلامية والصحافية التي لم تحرك ساكناً ووقفت موقف المتفرج وتعاملت مع الحدث كأنه خبر اغلاق مخبز او بقالة ! بينما في الحقيقة خسارة مشروع صحافي واعد تبنى الحراك الشبابي – حينها– وتنفس تطلعاته ولكني اقتنعت اخيراً وانا أرى هيئة الصحفيين التي ماتت في مهدها يقودها الكهول على حساب الشباب فتلك المرحلة لا تحبذ بروز الشباب وتتوجس من اي نشاط يقودة الشباب وتكاد تكون حالة اجتماعية عامة.
يمكن ان اسمي مرحلة شمس الصحفية بالقبس وهي اللحظة المضيئة السريعة فقد كانت مدهشة بنفسها الصحافي وطريقة طرحها واخراجها الأنيق وحتى الونها المثيرة كأنها طفلة ذكية ملفته للانظار تكاد حيويتها تشئ للآخرين ان عمرها قصير.
غربت الشمس واظلم ليلها واخذ عشاقها يتسامرن على ذكرياتها ويتحدثون عن نهارها القصير الذي مر كحلم جميل لم يكتمل ….
جمعت اشتاتي ولملمت مقالاتي التي كنت انشرها في عمودي الأسبوعي “سر ياقلم ” واصدرتها في كتيب يحمل العنوان وكأني أردت ان اقيم مناسبة تأبين وتوديع للصحافة الورقية وتوثيق لمرحلة صحافية بدأ نبضها التنازلي يقترب من التوقف واراها الان في مرحلة الموت السريري فالصحافة الورقية لم تعد تستطيع دفع كلفة حياتها وهي كمن يتنفس صناعياً بفضل الاشتراكات الحكومية واصبحت اقوى صحيفة اضعف من اي حساب اكتروني نصف احترافي
وكثير من اصحاب القرار في الشأن الصحافي لم يستوعب القفزة النوعية التي احدثها الاعلام الرقمي ولم يتخذ مبادرة تحول منشأته التقليدية الى المسار الألكتروني وهكذا ظهرت كيانات اعلامية جديدة على حسابها واصبحت الصحف الورقية من الزمن الماضي بإستثاء بسيط لذلك لم اجازف في عام 2013 وانا اعلنها بالصوت الرفيع ان المرحلة الورقية انتهت .
وكتبت في افتتاحية مجموعتي هذه العبارات :
لا القمر ولا النجوم يعوضاني غروب الشمس